نفساني

نفساني (https://www.nafsany.cc/vb/index.php)
-   الملتقى الإسلامي (https://www.nafsany.cc/vb/forumdisplay.php?f=34)
-   -   المؤمن التقي والكافر الشقي. (https://www.nafsany.cc/vb/showthread.php?t=42977)

وردة الحب الصافي 06-02-2008 12:08 PM

المؤمن التقي والكافر الشقي.
 
المؤمنُ التقيُّ والكافرُ الشقيُّ

ضربَ الله تعالى في القرءانِ الكريمِ العديدَ من الأمثالِ ليظهرَ للناسِ بعضَ الحكَمِ في أحوالِهم وأعمالِهم وعواقبِ تصرفاتهم .
ومنها ما ورد في سورة " الكهف " حيث وردت قصة الرجلين اللذين كان أحدهما مؤمناً تقياً والآخرُ كافراً غنياً شقياً ، فأظهر الله تعالى عدله وضَرَبَ مَثَلَهُما كي لا يغترَّ الناسُ بالدنيا ويَنسوا الآخرة .
وذلك أنه كان في بني اسرائيلَ أخوان أحدُهُما اسمهُ " يهوذا " وهو مسلمٌ مؤمنٌ طيبٌ يحب الخيرَ ويُكثِرُ منهُ ، وأما الآخرُ فاسمُهُ " فرطوس " وكان عابداً للأصنام ، كافراً جاحداً شحيحاً بخيلاً ، جافي الطبع .
ولما مات أبوهُما اقتسما مالَهُ فأنفق كلٌّ منهما حصتَهُ في ما يلائمُ طبعَهُ وما يحبُّ .

أما يهوذا فقد اشترى عبيداً مملوكين بألفِ دينار وأعتقَهم وجعلهم أحراراً لله تعالى، وكسا الفقراءَ العراة ابتغاءَ مرضاةِ الله عزَّ وجلَّ ، واشترى بألفٍ ثالثةٍ طعاماً وأطعمَ الجائعينَ ، وبنى المساجدَ وأكثرَ من فعل الخير وبذل المعروفِ ، وأعانَ مَنْ استطاعَ إعانَتَهُم حتى نَفِدَ مالهُ ، ولكنهُ كانَ مسروراً بما فعَلَ راجياً الثوابَ والرحمةَ من اللهِ عزَّ وجلَّ .

وأما "فَرْطوسُ" الأخُ الكافرُ فإنهُ ما كادَ يستلمُ مالَهُ حتى وضَعَ عليهِ المفاتيحَ ، وحَرَمَ الفقيرَ السائلَ ، وشَتَمَ مَنْ قَصَدَهُ للإعانةِ ، وأغلقَ أذنيهِ عن سَماع أنينَ المحتاجينَ ، وأغمضَ عينيهِ عن رؤيةِ الأطفال الجائعينَ ، ثم تزوجَ من نساءٍ غنياتٍ ، واشترى بقراً وغنماً فتوالدت ونَمَتْ نمواً مفرطاً ، واشتغلَ بالتجارةِ بباقي مالِهِ فربحَ ربْحاً كبيراً حتى فاقَ أهلَ زمانِهِ غنىً .

وبنى لنفسِهِ جنتين أي بستانين كبيرين جداً زرعَهُما أعناباً وكروماً ، فأورقا وأثمرا ، وأحاطهما بشجر النخيل ثم نوَّعَ في المزروعاتِ فجعلَ فيهما من أنواع ِ الخضار والفاكهةِ ولم يُنْقِصْ منها شيئاً ، وكانتِ الأشجارُ متواصلة متشابكة لا يقطعُها ويفصِلُ بينَها إلا النهرُ الجاري الذي يسقي الزروعَ بمائهِ الرقراق ، فتميزَ البستانان بالشكل الحسَن والترتيبِ الأنيق والطرقاتِ التي جعلها ذاكَ الكافرُ بينهما للتنزهِ والتمتع بمنظرهما.

وكان الجديرُ " بفرطوس " أن يؤمنَ بالله الذي منحَهُ كل تلك النعم وأنعمَ عليهِ بها ، وأن يشكرهُ ويُذعِنَ لهُ ويَحمَدَهُ ، ولكن من الناسِ مَنْ تَفْتِنهم الأموالُ وتجعلُهُم يتكبرون ، وهكذا كان "فرطوس" الذي لم يزدد إلا كفراً وطغياناً .

وأدركت "يهوذا " المؤمنَ الحاجة فأرادَ أن يعملَ أجيراً ليأكلَ ، فقالَ: " لو ذهبتُ إلى أخي لأعملَ عندهُ فإنهُ لن يُمانع " ، فجاءَهُ ولم يصل إليهِ إلا بعد فتح العديدِ من الأبوابِ ، فلما دخلَ عليهِ سألَهُ حاجتَهُ فقالَ " فرطوس ": ألم أقاسمك المالَ نصفين؟فما صنعتَ بمالكَ؟.

فأجابه "يهوذا ": " تصدقتُ به لله تعالى راجياً الأجرَ الوفيرَ ".
فقال "فرطوس"متهكماً: " إذاً أنت من المتصدقين ؟ ما أراكَ إلا سفيهاً مضيعاً لمالِهِِِ ، وما جزاؤكَ عندي على سفاهتكَ إلا الحرمان .
انظر ماذا صنعتُ بمالي حتى صارَعندي من الثروةِ وحُسن الحال ما ترى، وذلك أني كَسَبْتُ وأنتَ سفِهتَ ، أنا أكثرُ منكَ مالاً "

ثم أخذَ بيدِ أخيهِ المؤمن يُريهِ ما عندَهُ وفي نفسِهِ الكِبْرُ والكفرُ و أنكرَ البعثَ وفناءَ دارهِ ومازرعَ في البستانَيْن ، وذلك لقلةِ عقلهِ ، وعدم يقينهِ باللهِ ، وإعجابهِ بالحياةِ الدنيا وزينتها وكفرهِ بالآخرةِ ، ثم قالَ:" إن كانَ هناك بعثٌ وقيامة كما تزعُمُ ، فلن أخسرَ شيئاً فكما أعطاني اللهُ هذه النعمَ في الدنيا ، فسيعطيني أفضلَ منها في الآخرةِ لكرامتي عندهُ" .

فوعظه أخوهُ " يهوذا " وحذره من الكفر بالله الذي خلقه من تراب ثم جعله رجلاً سوياً ثم يميتُه ويحاسبُهُ . وأخبره أنه مؤمنٌ بالله وحدهُ لا شريكَ له ولا مثيلَ ولا شبيهَ ولا مكان له ، خالقِ كلّ شىءٍ .
وقالَ لهُ : " إنّ الذي تعيّرُوني به من الفقر ، سيعودُ عليكَ بالعقابِ ، فإنني أرجو أن يرزقني اللهُ في الآخرةِ جنةً خيراً من جنتِكَ هذه الفانيةِ ، ثم إنكَ لا تأمَنُ على البساتين من العواصفِ وتقلبِ الرياح التي قد تجعلُ منهما أوراقاً جافةً تتطايرُ هنا وهناكَ ،وهذا الماءُ العذبُ إذا غارَ في الأرض فكيف تطلبُه ؟ ومن ذا ينصُرُك إذا شاء اللهُ أن يخذلك ؟".

ولما رأى " يهوذا" أن أخاهُ الكافرَ مازالَ مُصراً على كفرهِ وطغيانِهِ ، يمرحُ بين أزهارِهِ وأشجارهِ تركَهُ وخَرَجَ .

وفي الليل حَدَثَ ما توقَّعهُ " يهوذا " إذ أرسلَ اللهُ تعالى مطراً غزيراً وعواصفَ كثيرة أحرقتِ البستانين وهدمتِ العرائش ، وابتلعتِ الأرضُ ماءَ النهر فجفَّ ، وأصبحت الأرضُ رديئة لا نباتَ فيها ولا شجرَ وقد ملئت بالوحل فما استطاعَ أحدٌ أن يمشيَ عليها . ولما قامَ " فرطوس " صباحاً كعادته إلى البستانين ليتنزَّهَ ويتفيَّأ تحت ظلال الكروم ولما رأى ما حلَّ بهما جفَّ حلقُهُ وأخذ يضربُ كفَّاً بكفٍ علامةَ التحسُّر والتأسفِ ، ونَدِمَ على ما سلف منه من القول الذي كفرَ بسببه بالله العظيم وإنكارهِ للبعثِ وقال: [ يا ليتني لم أشركْ بربي أحداً] ، وتركَهُ أصحابُ السوءِ الذين كانوا يعينونه على كفرهِ وتجبرهِ لما صار فقيراً ، فغدا وحيداً لا ناصرَ له إذ إنَّ الأعمالَ التي تكونُ للهِ عزَّ وجلَّ ، ثوابُها خيرٌ وعاقبتُها حميدةٌ رشيدةٌ .
اللهم إنَّا نسألك العفو والعافية وحسن الختام
والحمد لله ربّ العالمين.

كيميائية سعودية 06-02-2008 03:59 PM

هل هما اصحاب القصة في سورة الكهف

شكرا لك عزيزتي

اسامه السيد 06-02-2008 09:05 PM

بارك الله فيكِ ياورده ؛ إذ ذكرتنا بأحسن القصص ؛ قصص القرآن الكريم ....

بينى وبينك : الواحد محتاج من آن لآخر بمثل هذه التذكرة حتى لايغفل فى

زحام الحياة وضجيجها عن الحقيقه الكبرى وهى : أن كل ماسوى الله باطل

وأنه من الحُمق والسفه أمن مكر الله ........

حفظنا الله وإياكِ من سوء المصير ؛ وهدانا أجمعين صراطه المستقيم ....

اسامه

نجلاء الهاجري 07-02-2008 02:36 PM

http://www.wi1wi.com/folder1/wi1wi_9aUr930a6A.gif

خواطر العشاق 07-02-2008 05:33 PM

جزاك الله كل خير ورده

عطر التفاؤل 07-02-2008 09:03 PM

جـزاك الله خير

وردة الحب الصافي 08-02-2008 02:52 PM

عزيزتي كيميائية
رداً على سؤالك: نعم هي وردت في سورة ( الكهف )
وشكراً لمرورك وتقبلي تحياتي

وردة الحب الصافي 08-02-2008 02:55 PM

نعم أستاذ أسامة كلامك صحيح الإنسان بحاجة لهكذا تذكير من فترة لأخرى
أشكرك أستاذي وتقبل تحياتي

وردة الحب الصافي 08-02-2008 02:56 PM

أنت ايضاً بارك الله بك
وجزاك خيراً
تقبلي تحياتي

وردة الحب الصافي 08-02-2008 02:58 PM

أشكرك خواطر وشكراً لمرورك
وجزاك الله كل الخير
وتقبلي تحياتي

وردة الحب الصافي 08-02-2008 03:01 PM

أشكرك أخي دمعة الفراق
وجزاك الله الخير كل الخير لما يحبه ويرضاه
تقبل تحياتي

النسر الابيض 14-02-2008 01:48 PM

تسلم هالطرح البديع ودمت لنا متنوع ومتجدد مشكور ...
تقبل مرور النسر الابيض ...

شمعه لا تنطفي 14-02-2008 06:35 PM

أختي الغالية وردة الحب الصافي بالفعل أسم على مسمى، شكرا لك لنقل هذه القصة الجدا مفيدة وتتميز بالعبر والعضات ، نحن بحاجة إليها وللتذكير الدائم المستمر قد نغفل أحيانا عن بعض الأشياء والأمور وبهذه العبر نفيد ونستفيد . ألف شكر

وردة الحب الصافي 15-02-2008 10:22 AM

أشكرك أخي النسر الأبيض على هذه المبادرة
وشكراً للمرور الذي أعتز به فعلاً
تقبل تحياتي المعطرة بالورد والياسمين.

وردة الحب الصافي 15-02-2008 10:25 AM

أشكرك شمعة على هذه المجاملة اللطيفة
كما وأشكرك على هذا المرور الذي أفخر به
تحياتي المعطرة بالورد والياسمين لك.


الساعة الآن 03:42 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا