abdilkarim

بسم الله الرحمن الرحيم

مقـدمـة:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،
فإن الجماعات الإنسانية ظلت على مر العصور تحاول جاهدة للمحافظة على بقائها، وقيمها، وعاداتها، وتقاليدها، ونظم حياتها، ثم نقل ذلك الى أجيالنا الناشئة، ووسيلتها لتحقيق ذلك البناء هي التربية والتعليم، لان التربية المستقيمة ركيزة التقدم المعاصر، الأمر الذي جعل ميدان السبق اليوم بين الامم هو قدرة كل امة على إعداد أبنائها لمواكبة الأعمال العلمية والتقنية والأخلاقية.
ويعرف العاملون في ميدان التربية، ان التربية في أي أمة لا تؤتى ثمارها ما لم تنبع من عقيدة هذه الامة، وتعمل على ترسيخ قيمها، واستثمار ما أفاء الله عليها من خيرات، والإفادة من قدرات أبنائها، واستشراق حاجاتها المستقبلية، واتخاذ كافة السبل للوفاء بها.
أمة الإسلام تنهج التربية الصالحة لكل زمان ومكان، إذ هي ربانية المصدر، عالمية الشمول، ثابتة الأصول، مرنة التطبيقات، تشمل الحياتين الدنيا والآخرة في توازن واعتدال، تعد الإنسان لعبادة الله حق عبادته، وعمارة الأرض وفق منهجه. تلك هي التربية الإسلامية فهي وحدها التربية التي تؤصل العقيدة في النفوس وترسخ الإيمان في القلوب وتحبب شرع الله الى الأفئدة.
والأطفال هم قوة الأمة النامية فإذا صلح توجيه هذه القوة صلح بهم مستقبل الامة، إذا تعهدناهم بالتربية الهادية الرشيدة فإنهم سيضعون أمتهم على منصة الانطلاق الحضاري بحول الله وقوته.
وقد حدد هذا الكتاب تربية الأطفال تربية اسلامية على هدي من الكتاب الكريم والسنة المطهرة. وبين أن الإسلام لم يعتن بالطفل من يوم ولادته الى انتهاء طفولته فقط، بل اعتنى به بالحرص على طهارة المحضن الذي يحويه والنطفة التي منها يتكون. وذلك عن طريق تبيان العوامل المرجوة في اختيار كل من الزوجين للآخر وتقرير الحقوق للزوجة في فترة الحمل ضمانا لاستقرارها الوجداني وراحتها النفسية والجسمية ومن ثم راحة الجنين.
كما يهدف هذا الكتاب الموجه الى الآباء والمربين، والمهتمين، والباحثين، والاختصاصين النفسيين والاجتماعيين، والأطباء النفسيين، الى تزويدهم بمعلومات كافية بأسلوب بعيد عن الاسهاب والتعقيد، حيث كتب بلغة علمية دقيقة وواضحة لتتيح للقارئ من الدول الإسلامية بشكل خاص وغير الاسلامية بشكل عام الاستفادة المباشرة من موضوعات هذا الكتاب.
ولهذا ومن أجل هذا الهدف، حاول المؤلفان تضمين الكتاب بين طياته خمسة أبواب وثلاثة عشر فصلا، احتوى الباب الاول فصلين عن لمحة تاريخية لتربية الطفل وفق المنظور الإسلامي والأسس العامة لهذه التربية كما ضم الباب الثاني ثلاثة فصول حول النمو الجسمي والفسيولوجي، والخصائص الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية، وجوانب النمو المختلفة في مرحلة الطفولة المتأخرة وفق المنظور الإسلامي، أما الباب الثالث فقد ضم فصلين أولهما عن مراحل النمو في فترة ما قبل التمدرس وفق النظريات الغربية وثانيهما مواصفات وحاجيات الطفل في مرحلة ما قبل التمدرس، كما تضمن الباب الرابع ثلاث فصول عن تربية الطفل وفق المنظور الإسلامي ضرورة لا بد منها والآيات القرآنية وتحليل تربية الطفل عبر القرآن.
أما الباب الخامس تضمن ثلاث فصول عن الأحاديث النبوية وتحليل تربية الطفل عبر الأحاديث النبوية مع الاستنتاجات.
ولا ندعي براءة هذا الكتاب من النقص أو الخطأ، وإن كنا قد بذلنا قصارى جهدنا لأن يكون كذلك، إلا أن البشر بطبيعتهم خطاؤون. وعلى كل حال فإن هذه المحاولة اجتهاد مخلص ندعوا من الله تبارك وتعالى، أن تكون مأجورة.
ولهذا فإن أملنا كبير في ان تكون قد وفقنا في إعطاء موضوعات هذا الكتاب حقها، ليتمكن القارئ الكريم من الاستفادة المباشرة منها.

والله من وراء القصد، وهو الهادي الى سواء السبيل.


المؤلفان:
أ.ذ. عبد الكريم عطا كريم ذة. صبيحة كاظم شبر

المغـــرب
الرباط / 2001