04-08-2002, 02:58 AM
|
#5
|
عـضو دائم ( لديه حصانه )
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1463
|
تاريخ التسجيل : 04 2002
|
أخر زيارة : 21-10-2004 (05:57 AM)
|
المشاركات :
1,406 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
التعاطف بداية المناصرة
ومن أكثر ما استوقفني في هذا من الكتاب، هو وصف جولمان للتقمص الوجداني كجذور للإيثار، ربما لأن للاصطلاح أصوله في ثقافتنا؛ فهو يرى أن تمثلك لمواقف الآخرين يجعلك نصيرًا محتملاً لهم؛ حيث تكون على استعداد للتحرك للمساعدة، وهو بالتالي يقف وراء الكثير من الأفعال والأحكام الأخلاقية ومن أمثلته "الغضب العاطفي" الذي أطلق عليه الكاتب الإنجليزي جون ستيورت ميل "حارس العدل"، فهو ما يُحوِّل التعاطف مع الآخرين إلى فعل أخلاقي، وبدون ضمان مثل هذا التعاطف؛ فقد تهددنا أمراض الانحراف الاجتماعي.
*************************************
الإشارات العاطفية.. سلعة اجتماعية
هناك أشخاص تشعر في صحبتهم أنك بخير، ربما تكون قد قابلتَ أحد هؤلاء، وقد تكون واحدًا منهم، على كل حال يقول جولمان: إن مثل هؤلاء هم القادرون على مساعدة الآخرين، فنحن نرسل إشارات عاطفية للمحيطين بنا تؤثر فيهم، وبقدر ما نكون حاذقين اجتماعيًّا تكون قدرتنا أفضل فيما نرسله؛ فالذكاء العاطفي يمثل إدارة تبادل هذه الإشارات.
وتعبير هذا الإنسان محبوب وجذاب نستخدمه حين نصف أشخاصًا نشعر أننا بخير في صحبتهم، وهؤلاء يملكون سلعة اجتماعية ذات قيمة خاصة كما عبّر جولمان، وقد تتعدى تلك القدرات لديهم إلى ما يُعرَف بالذكاء الاجتماعي الذي يتطلب قدرة على تنظيم المجموعات والحلول التفاوضية، وإقامة العَلاقات الشخصية بما تستدعي من تعاطف وتواصل، وكذلك التحليل الاجتماعي الذي يعني القدرة على اكتشاف مشاعر واهتمامات الآخرين ببصيرة نافذة.
وإذا اجتمعت هذه المهارات معًا؛ فهي المكونات الضرورية للنجاح الاجتماعي؛ بل "للكاريزما"، وأصحابها هم القادة الطبيعيون الذين يمكنهم التعبير عن أحاسيس الجماعة الصامتة بقيادة نحو هدفها.
*************************************
رياضة الجودو العاطفية
إذا كان اختبار المهارة الاجتماعية هو القدرة على تهدئة انفعالات الآخرين في محنة أصابتهم؛ فإن التعامل مع مَن يكون في ذروة غضبه يُعتبَر أعلى مقياس لقدرة الإنسان وبراعته في السيطرة والتحكم، ومِن الإستراتيجيات الفاعلة للتعامل مع مَن يكون في هذه الحالة المزاجية السعيُ بصرف الغاضب عن موضوع غضبه، والتعاطف مع مشاعره وأحساسيه، ثم جذبه إلى مركز اهتمام بديل بمجموعة من المشاعر الإيجابية، وهذه القدرة إنما هي ما أُطلِقَ عليها: "رياضة الجودو العاطفية".
*************************************
مركز صيانة العَلاقات
أراد جولمان أن تلعب نظريته في الذكاء العاطفي دورًا على مسرح العَلاقات الزوجية في عرضه لصيانة العلاقات الأكثر أهمية، وقد استعان أولاً بتحديد فكرة اختلاف البيئة الشعورية للرجل والمرأة منذ سن الطفولة الأولى، وتعامل بتكتيك هادئ مع ذلك الاختلاف بوصفه حالة كل طرف أثناء الخلاف وردود فعله المختلفة، وكان من أهم نصائحه هو عدم انتقاد الطرف الآخر في شخصه؛ بل تحديد الفعل الذي أنشأ الخلاف وانتقاده، وكذلك تمثُّل موقف الآخَر فيما يُعرَف بالـ Merroring أو الانعكاس، وهو أن يحاول كل طرف تَكرَار ما يقوله الطرف الآخر؛ حتى يعي حقيقة موقفه.
ثم كان انتقال جولمان من الزواج إلى العمل داخل المؤسسات، ودور الذكاء الجمعي لها، وتداول النقد بين أفرادها الذي ينصح مَن يقوم به بأن يكون: محددًا، يقدم حلاًّ، حاضرًا، حساسًّا.
*************************************
تسمم خبرة الطفولة
حدث أن وقف "باتريك بيردي" التلميذ بإحدى مدارس كاليفورنيا عند طرف الملعب في أثناء فسحة العصر، وأطلق موجة وراء موجة من النيران برصاصات مدفع عيار7.22)) على مئات الأطفال. وظل "بيردي" يطلق رصاصاته لمدة سبع دقائق، ثم صوَّب مسدسًا إلى رأسه وقتل نفسه.
طوال رحلتنا عبر فصول الكتاب كان جولمان دائم الاستشهاد بحوادث العنف إلاَّ أنه رسم في القسم الأخير من كتابه صورة شديدة القتامة للواقع الاجتماعي المُعَاش، في المجتمع الغربي على وجه الخصوص، وكان أقسى ما فيه أن تطول شراسة عالَم الكبار وصراعاته عالَم الأطفال، وأن تتلون السنوات الأولى في عمر الإنسان التي تصفو فيها رؤيته، وتتخلق فيها مشاعره وملكاته بكآبة عالَم تحكمه مقاييس مختلفة، وربما كانت ظاهرة إطلاق النار في المدارس الأمريكية هي جرس الإنذار الحقيقي الذي دفعه لكتابة هذا الجزء؛ بل ولِتَبَنِّي تلك النظرية "الذكاء العاطفي" لضبط الانحراف الاجتماعي، ورغم أنه ركَّز في أغلب الإحصائيات والوقائع التي ذكرها على الولايات المتحدة والدول الأوروبية واليابان في أحسن الأحوال؛ فإنه عاد لينبِّه بأن الظاهرة كونية.
*************************************
مجرد سؤال
ظل جولمان حريصًا على أن تقديم العاطفة كمنهج، يمكن تعليمه للصغار في مواجهة العنف والتفكك، وكان عرضه لنماذج واقعية تُعرَف بمدارس "محو الأمية العاطفية" مدعمًا لهذا الحرص، كما كان سؤاله حول أسباب اكتئاب الأطفال التي أشارت الإحصاءات أنها أصبحت ظاهرة تعم أغلب أنحاء العالم موحيًّا بحقيقة الأزمة المجتمعية التي نحياها، وكانت الإجابات تدور حول:
تآكل نواة الأسرة – تضاعف معدلات الطلاق – انخفاض الأوقات التي يقضيها الأطفال مع آبائهم.
وربما شغلتْ إجابة مارتن سليجمان - العالِم السيكولوجي بجامعة بنسلفانيا - مساحة أشمل عن الأزمة بصفة عامة حين قال: "إن الفردية تصاعدت في الثلاثين سنة أو الأربعين سنة الماضية، وقل الاهتمام بالعقائد الدينية، وبتضامن المجتمع والأسر الكبيرة، ومعنى ذلك كله فقدان مصادر الوقاية من النكسات والفشل، وذلك يجعلك إذا فشلتَ في أي شيء، تضخم فشلك دائمًا؛ فتفسد عليك حياتك؛ فإذا بالإحباط اللحظي يتحول إلى مصدر دائم لفقدان الأمل، أما إذا كنت تتمتع بمنظور أكبر مثل: الإيمان بالله، والحياة الآخرة، وقد فقدتَ وظيفتكَ؛ فسوف تشعر بأن الإحباط ما هو إلا إحباط مؤقت".
لقد انتهيتُ من قراءة الكتاب، ومازلت أتساءل حول أهمية الذكاء العاطفي في مواجهة الواقع الاجتماعي المختلف، لكن السؤال الأكثر إلحاحًا كان: هل الخصائص الشعورية والثقافية لمجتمعاتنا مازالت تحصننا ضد التفكير في تنشيط آليات لمواجهات مشابهة ضد العنف والتفكك القيمي، أم أن الأمر غير ذلك؟! مجرد سؤال.
______________
منقول من موقع islamonline
http://www.islamonline.net/arabic/ad...rticle19.shtml
|
|
|