عرض مشاركة واحدة
قديم 18-04-2010, 05:30 AM   #57
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


.

{ .. الحديث التاسع .. }














حديث : ما نهيتكم عنه فاجتنبوه



وعن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم؛ فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة رواه البخاري ومسلم.






هذا الحديث هو الحديث التاسع من هذه الأربعين النووية، وهو حديث أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم .



قال -عليه الصلاة والسلام-: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه فما نهى عنه فإنه يُجتَنَب، وهذا عام في كل منهي عنه، والمنهي عنه قسمان: منهي عنه للتحريم، ومنهي عنه للأفضلية، يعني: يكون النهي فيه للكراهة، وما كان للتحريم يجب فيه الاجتناب، وما كان للكراهية يستحب فيه الاجتناب.






فالذي نهى عنه -عليه الصلاة والسلام- نحن مأمورون بالانتهاء عنه، فإن كان محرما فالأمر بالانتهاء عنه أمر إيجاب، وإن كان مكروها فالأمر بالانتهاء عنه أمر استحباب.



إذا تقرر هذا، فالمنهي عنه خلاف الأصل؛ لأن الأصل في الشريعة ليس هو النهي، وإنما الأصل فيها الأمر، والمنهيات بالنسبة للأوامر قليلة، وما نُهِيَ عنه لأجل أنه خلاف الأصل لم يجعل الله -جل وعلا- النفوس محتاجة إليه في حياتها؛ بل هي مستغنية عما نُهِيَ عنه.



فإذا نظرت في باب الأطعمة فإن ما أُهِلَّ به لغير الله ليس محتاجا إليه، الميتة ليس محتاجا إليها، والأشربة المسكرة ليس المرء محتاجا إليها، والألبسة المحرمة ليس المرء محتاجا إليها؛ وإنما في الحلال كثير كثير غُنْيَة عن هذه المحرمات، فتكون هذه المحرمات في كل باب كالاستثناء من ذلك الباب، فالمحرمات من الأشربة استثناء مما أُبِيحَ وهو الكثرة في باب الأشربة، والمحرمات من الأطعمة استثناء مما أُبِيحَ وهو الكثرة في باب الأطعمة.



وهكذا في باب الألبسة، وهكذا في البيوعات والعقود، وأشباه ذلك.



وهذا من لطف الله -جل وعلا- بالعباد؛ فإنه -جل وعلا- ما جعل شيئا منهيًّا عنه فيه إقامة الحياة، بل كل المنهيات عنها إنما ابتلَى الله -جل وعلا- العباد بها.



وما لم يُنْهَ عنه فإنه، أو ما أُمِرَ به فإنه خير، سواء أَفَعَلَه المرء رغبة في الأجر بإخلاص، أو فعله لغير مرضاة الله، هذا التفصيل يذكره العلماء عند قول الله -جل وعلا- في سورة "النساء": { لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ } .



فقال: { لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ } هذه المأمورات فيها خير، ولو فعلها بغير نية صالحة؛ لأنها متعدية النفع، متعدية الأثر، وإن فعلها بنية صالحة فإنه يؤجر مع بقاء الخير، وإن فعلها بغير نية فإنه لا يؤجر عليها مع بقاء خيرية هذه الأفعال، ولهذا وصفها بالخيرية.






فمن أمر بصدقة أو معروف، أو إصلاح بين الناس بلا نية، فقد أتى خيرا، ولو كانت نيته غير صالحة؛ لأن هذه الأفعال متعدية، وإذا أتاها بنية صالحة فإنه يؤجر عليها.



بخلاف المحرمات؛ فما حُرِّم ونُهي عنه فإنه يجب اجتنابه، فلا خير فيه ألبتة، يعني من حيث تعدي الخير أو تعدي المصلحة، وقد يكون فيه منفعة دنيوية، لكنها مقابلة بالمضرة، كما قال -جل وعلا- في الخمر والميسر: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا }.



ففيها نفع باعتبار المُعَيَّن، لكن باعتبار الضرر فيها إثم كبير، وهذا بخلاف الأوامر التي فيها خير.



إذا تقرر هذا فنقول: قوله -عليه الصلاة والسلام-: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه هذا عامٌّ في كل منهي، وجواب الشرط "فاجتنبوه".



والمنهي عنه إما أن يكون محرما، وإما أن يكون مكروها كما ذكرت لكم، والأصل في المنهيات -يعني فيما نهى عنه عليه الصلاة والسلام- إذا كان في أمور العبادات أنه للتحريم، وإذا كان في أمور الآداب أنه للكراهية، يعني: إذا جاء النهي في أمر من العبادات فهو للتحريم؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف، وإذا جاء النهي في أدب من الآداب، فالأصل فيه أن يكون للكراهة.



بهذا أجمع العلماء على أن النهي الوارد في بعض الآداب، والأمر الوارد في بعض الآداب، أنه للاستحباب في الأوامر، وللكراهة في النواهي، ومنه أخذ طائفة من أهل العلم أن النهي في الآداب للكراهة -يعني الأصل فيه للكراهة- إلا إذا جاءت قرينة تدل على أن الأصل فيه للتحريم.







يتبعـ ,,


 

رد مع اقتباس