الموضوع: نفحات السحر
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2010, 02:28 AM   #1
خلجات نفس
عضو مميز جدا وفـعال


الصورة الرمزية خلجات نفس
خلجات نفس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 26649
 تاريخ التسجيل :  11 2008
 أخر زيارة : 10-12-2024 (01:05 AM)
 المشاركات : 1,602 [ + ]
 التقييم :  79
لوني المفضل : Cadetblue
نفحات السحر



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين..
يقبل الليل بظلامه, فيعم السكون وتخف الحركة, ويأوي كلاً منا إلى مأواه ومستقره..
ففي الليل أسرار ومناجاة, انطراح وعبرات, نور ورحمات...فهي فتخلو بربك وتصفُّ أقدامك بين يدي الملك العلام, وتمرغ جبهتك للقدوس السلام...
تسأله من فضله, وتستغفر من تقصير في حقه, وتبث شكواك إليه ،لا مهرب منه إلا إليه...
أنس ولذة تخالط بشاشة قلبك, فتود أن ساعات الليل لا تنقضي...

قال أبو عصمة البيهقي: "بت ليلة عند أحمد بن حنبل, فجاء بالماء فوضعه، فلما أصبح, نظر في الماء فإذا هو كما كان, فقال: سبحان الله, رجل يطلب العلم لا يكون له ورد بالليل!"
إن من الآيات التي عمرت بها قلبك قول الله عز وجل{ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِهِ قُلْ هَل يَستَوي الذيِنَ يعلمون والذين لا يَعْلَمُونَ إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبَاب}الزمر.
وتعمر قلبك كذلك بأمر نبوي كريم حيث قال عليه الصلاة والسلام(عليكم بقيام الليل فإنه دأبُ الصالحين قبلكم ،وقُربة إلى الله تعالى ،ومكفرة للسيئات ،ومنهاة عن الإثم ،ومطردة للداء عن الجسد)رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.

فلتناخ مطايانا هاهنا, ولنرد على هذين الموردين الصافيين, ننهل من معينهما عظيم الفوائد, فنحرك بهما بواعث الهمة والنشاط...

ماذا نعني بقيام الليل؟

قال شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله تعالى :
"الصلاة في الليل تسمى تهجداً وتسمى قيام الليل، كما قال الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ}، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلاً} " أ.هـ
والتّهجّد في اللّغة : من الهجود ، ويطلق الهجود على النّوم وعلى السّهر فهو من الأضداد.ويقال: تهجّد إذا أزال النّوم بالتّكلّف .
والتّهجّد - عند جمهور الفقهاء - صلاة التّطوّع في اللّيل بعد النّوم.


عدد ركعاته وأفضل أوقاته:

أقله أن تصلي ركعة واحدة وتسمى الوتر وقد ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة)
أما أكثرها فلا حد له لعموم الحديث السابق وإن كانت السنة الثابتة عن المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه لم يزد عن إحدى عشرة ركعة فالأولى المحافظة على هذا العدد، ومن أرادت الزيادة فلا بأس.

وأما عن أفضل أوقاته: فهو الثلث الأخير من الليل ليوافق النزول الإلهي، كما قال صلى الله عليه وسلم(ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ ومن يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟)رواه البخاري ومسلم.
ذلك هو أفضل الأوقات لمن علم من نفسه أنه سيقوم من آخر الليل، وأما من خاف أن لا يستيقظ فالأفضل أن يصلي ويوتر قبل أن ينام، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن الترمذي وغيرها.
المكانة العالية لقيام الليل:

لقد أعلى الله شأن هذه العبادة الجليلة, ورغب فيها نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام... ومما يدلك على مكانتها تلك الآيات والأحاديث الواردة في فضلها:

* أمر الله لنبيه عليه الصلاة والسلام بقيام الليل إذ قال جل وعز:{ يَا أيُهَا الْمُزَّمّلُ * قُمْ اللّيْلَ إلاَّ قَلِيلاً * نّصْفَهُ أَوِ انقُصْ منْهُ قَلِيلاً * أو زِدْ عَلَيْهِ وَرَتّلِ الْقُرآنَ تَرْتِيلاً} المزمل
وقوله تعالى{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً}الإسراء

* حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها والعناية بها حضراً وسفراً فعن عائشة رضي الله عنها قالت(كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه . فقلت له : لم تصنع هذا يا رسول الله ، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال أفلا أكون عبداً شكوراً )متفق عليه.

* قيام الليل من صفات عباد الرحمن الذين امتدحهم الباري في سورة الفرقان فقال في وصفهم {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}

* وقال النبي صلى الله عليه وسلم (في الجنة غُرفة يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها فقيل : لمن يا رسول الله ؟ قال:لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات قائماً والناس نيام)صححه الألباني.

* وقال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما( نِعمَ الرجل عبد الله ، لو كان يصلي من الليل)متفق عليه.
قال سالم بن عبد الله ابن عمر : فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.

* وقال صلى الله عليه وسلم(من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين ) صحيح أبي داوود.

قوم فقهوا فعملوا:

هذه الآيات والأحاديث الواردة في فضل قيام الليل لم تمر مرور الكرام على سلفنا الصالح, بل اتبعوا العلم بالعمل, واجتهدوا في مرضات الله فحازوا الشرف في الدنيا ونسأل الله أن يبلغهم الشرف الأعظم يوم القيامة...

ولنا معهم وقفات نتأمل فيها حال رهبان الليل فرسان النهار فهي مما يبعث الحماس في النفس...

* عن أسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يصلي ما شاء الله حتى إذا كان آخر الليل يعظ أهله يقول : الصلاة الصلاة و يتلوا{ و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها } ) رواه أبو داود
قال الحافظ ابن كثير عن ليل عمر:"كان يصلي بالناس العشاء ثم يدخل بيته فلا يزال يصلي إلى الفجر"

* وقف العبّاد بن بشر يصلي الليل كله وكان مكلفا بحراسة المسلمين في إحدى الغزوات فأتى رجل من الأعداء فرماه بسهم فوقع في كتفه لكنه كان متلذذاً في قربه ومناجاته لربه، فنزع السهم واستغرق في صلاته ولم يعبأ بآلامه، فلم يلبث الكافر أن رماه بسهم آخر فيقع في كتفه أيضا، فينزعه ويكمل الصلاة.. فيعيد الرجل الكرة مرة ثالثة ويقع في المكان نفسه فينزعه، ثم يركع ويسجد ويسلم، ثم يوقظ الصحابي الآخر الذي يتناوب معه بالحراسة، لا لشيء إلا ليتولى حراسة المكان، لا ليشكو ما حدث له!! فيسأله الصحابي الآخر: لماذا لم توقظني من أول سهم رميت به؟ فيقول: كنت أقرأ سورة من القرآن فكرهت أن أقطعها! ولأن أكمل الركعتين أحب إليّ من خروج روحي.

* وكان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه اذا هدأت العيون وأرخى الليل سدوله، سمع له دويّ كدوي النحل وهو قائم يصلي.

* وهذا عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما كان إذا قام في الصلاة كأنه عود من شدة الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جذع حائط.

*
يــــــــــتــبع
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس