سئل الدكتور عبد الغني مليباري – حفظه الله - :
الكثير علق فشلها على فشل ديل كارنيجي صاحب كتب " دع القلق " ، و " كيف تكسب الأصدقاء " الذي مات منتحراً ! كيف تربط ذلك الفشل بالبرمجة ؟ .
فأجاب :
الفارق بين ما قدمه " ديل كارنيجي " وبين ما تقدمه البرمجة كبير جدّاً ، من حيث الصحة ، فـ " ديل كارنيجي " قدّم كثيراً من الأفكار المستنبطة بالعقل والنظر ، ولكنها ليست كفيلة أبداً بمنح صاحبها سعادة وطمأنينة ، ما لم تخالط بشاشة الإيمان قلبه ، ومن هنا فالذي : يربط بينهما ربما باعتبار أنه لا يصلح أن يكون الحائر الضال مرشداً ومدرَّباً في أمور القلوب ، وتزكية النفوس ، وصدق ابن مسعود رضي الله عنه إذ قال : " لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء إنهم لن يهدوكم وقد ضلوا " ، فكيف يهتدي المسترشد والدليل حائر ؟!
" المجلة العربية " ، عدد رقم ( 322 ) ، السنة 28 ، تاريخ ذو القعدة 1424 هـ .
وصدق الشاعر العربي إذ يقول :
أَعمى يَقودُ بَصيراً لا أَبا لَكُمُ قَد ضَلَّ مَن كانَتِ العُميانُ تَهديهِ
5. تحمل تلك الكتب عناوين برَّاقة ، خادعة ، من أجل الكسب المادي في شرائها ، مثل " التطوير الذاتي والنجاح السريع " ، " أيقظ العملاق داخلك " ، و " تعلم الاستثمار في خمس دقائق " ! ، و " قدرات غير محدودة " ، و " الحمية السريعة " ، و " كيف تسيطر على الآخرين " .
وفي داخلها ، أو على أغلفتها يُكتب : " انتبه ، هذا الكتاب سيغيِّر مجرى حياتك " ، " لقد غيَّر هذا الكتاب على وجه التحديد حياة ملايين الأشخاص حول العالم بعد أن كانوا من المهمشين الضائعين في عالمنا " .
وليس يراد من ذلك إلا إغراء السذَّج من الناس للإقبال على شراء تلك الكتب ، حتى إنه ليعتقد أنه إن لم يفعل ليكونن من الفاشلين .
قال " ستيف ساليرنو " :
" ما زال يُضخ سنويّاً عددٌ هائل من الكتب في هذا المجال ، ففي عام 2003 م فقط : صدر ما بين 3500 و 4000 كتاب من كتب " المساعدة الذاتية " ! ، أي : أكثر من عشرة كتب يوميّاً ، أليس هذا عددًا هائلًا من الكتب التي تصدر في فرع واحد ؟! بل وفقًا لـ " ماركتداتا إنتربرايزيز " Marketdata تمثل اليوم حركة تطوير الذات بكل أشكالها تجارة تبلغ 8.56 بليون دولار ! ، وقد كانت لا تزيد عن 5.7 بليون دولار عام 2000 م ، وتتوقع " ماركتداتا " أن تبلغ 12 بليون دولار عام 2008 م ، وهكذا لم يعد من المستغرب أن نجد أتباع هذه الحركة ومريديها يخزنون هذه الكتب في مكتبات المنزل ، وخزائن المطبخ ، وحقائب الرياضة ، حتى في السرير ؛ لتضمن لقرائها أحلاماً سعيدة ، قد يلتقون فيها مع الدكتور " فيل " ! أو " أنتوني روبينز " في مملكة السعادة الأرضية ، حيث لا همّ ، ولا نصب " ! .
انتهى
وقد اعتقد بعضهم أن النجاح هو في اقتناء تلك الكتب ! لا في تطبيقها في واقع الحياة ، فصار التنافس بينهم على شراء الجديد ، والسبق في القراءة دون التطبيق .
6. النظريات المبثوثة في تلك الكتب قائمة على المادية المجردة من الحياة ، والدِّين ، مثل : تقنيات الإدارة التي تؤصل لعبودية المرؤوسين للرؤساء ، والموظفين للمدراء ، أو مثل وسائل الإقناع والتأثير على الآخرين ، والتي ينتج عنها التغرير بالمستهلكين للشراء ، أو البيع ، أو التأجير .
7. تحويل الدورات لتجارة ، بأخذ مبالغ كبيرة ، وعدم إتقان العمل ؛ بسبب بذل قليل من الوقت ، وعدم قيام أكفاء على إعطائها .
8. إدخال البرمجة العصبية فيها ، بتكرار جملة معينة ، أو مخاطبة اللاوعي ! والاسترخاء .
قالت الدكتورة فوز كردي – حفظها الله – تخاطب سائلة عن دورات " تطوير الذات " :
لأهمية التدريب : تصدَّى له كثيرون تجارةً ، فتري - وللأسف - دورة " القبعات الست " و " الذكاءات الثمانية " ، و " الخرائط الذهنية " ، وغيرها من الدورات الجيدة قد أصبحت عندما قدمها المبرمجون وجهاً جديداً للبرمجة ، ومفاهيم اللاوعي والاسترخاء والتنويم ، وغيرها ، كما أنها مختصرة ، وسريعة ، لا تدرب على مهارة ، ولا تتوجه لأهداف تنمية التفكير والتربية .
ومن هنا : أرى المسؤولية تتضاعف على المسؤولين - أمثالكم - لفحص محتوى الدورة ، وسيرة المدرب ، فلا يعطي دورة إلا من هو متخصص في مجالها ، مشهود له بذلك عند أهل التخصص ، لا عند الحضور الأغرار ، الذين يصفقون لأي مدرب ، ويسطرون شهادتهم له بالإبداع و... و... .
وانظري إلى المستشفيات : لن تجدي المجال مفتوحاً لكل من يزعم أنه يعالج ، فلم نسمح نحن لجميع الأدعياء بأن يخترقوا ساحة التربية والتعليم ، ويتصدروا ليدربوا المعلمين والمعلمات ، والمشرفين والمشرفات ، غير ناظرين في تخصصاتهم ، وصحة ما يدَّعون من شهادات ، أو إجازات ، ونحوه .
http://www.alfowz.com/index.php?option=com_content&task=view&id=89&Itemid=2
وأخيراً :
انظر النقد العلمي لأشهر كتاب في تلك المواضيع ، وهو كتاب " السر وقانون الجذب " ، وذلك في جواب السؤال رقم ( 112043 ) .
ثالثاً:
أما الملاحظات الإيجابية : فنرى أنها قليلة في كتب الكفار ؛ بسبب اعتقادهم ، ومنهجهم في الحياة ، وبسبب سلوكهم ، ونرى أنه يمكن الاستفادة من كتب الدعاة ، وطلبة العلم في هذا الباب ، ممن عرفوا بحسن المعتقد ، وصواب المنهج ، لا أولئك المقلدة للغرب ، والمنبهرين بكتاباتهم .
والله الموفق
المصدر : موقع الإسلام سؤال وجواب للشيخ محمد المنجد ,,