نفساني - عرض مشاركة واحدة

19-12-2002, 11:03 PM

بمجرد أن اقتربتُ منها ...مسكت يدي ...قبلتها ...رفضت أن تتركها ...صرتُ أنا مذهوله ...انعقد لساني عن الكلام ...حتى دمعت عيناها ...واستمرت تقبل يدي ...أعتقد أنني لم أتحمل المشهد

حدث ذلك في ثاني أيام عيد الفطر المبارك عندما كنت أتذمر لوالدتي
ياربي يمه وشذا الطفش وشذا ماحسينا بالعيد خلينا نطلع من البيت
فردت والدتي وقد أزعجتُــها بكثرة (( القرقرة والدندرة ))
لمياء احمدي ربك على العافية الحين طول امس طالعة من البيت وماخليتي صاروخ في هالديرة إلا طيرتيه وتقولين ما حسيت بالعيد أقول احمدي ربك لا يعاقبك
إي يمه ماقلت شئ ولك الحمد ياربي على العافية بس حتى لو خلينا نطلع نتمشى وننبسط و ........الخ الخ الخ

وبينما كنت مع والدتي نتبادل أطراف الحديث دخل أخي الأكبر وقد سمع جزء من تذمري
((لميييييوه بسرعة عندي لك مشوار يجنن بتروحين معي ولا لا ؟؟؟ وشو مشوار ويجنن بعد وش تنتظر يالله نروح

طبعا أخذت العباءه ولم ترى أمي سوى غباري لأنه في ثواني فقط أصبحتُ في سيارة أخي ...وانطلقنا ...ومررنا خالتي التي ستصاحبنا في هذا المشوار الذي أجهل مكانه

أقول اخوي على وين إن شاء الله ...أي مطعم ؟؟ <<<<< خلاص البنت قررت اي مطعم :D
رد أخوي :وألحين من قالك إني بأوديكم لمطعم ...لا لا بنروح مشوار أحسن من أي مطعم وأشرح من أي منتزه وأكثر إثارة من أي ملاهي

طبعا ياسلااااااام جلست أخمن ماهو المكان ((إذا كان أحسن من أي مطعم وأشرح من أي منتزة وأكثر إثارة من أي ملاهي )) ياترى إلى أين نحن ذاهبون ...امممممم ربما مجمع جديد فريد من نوعه ربما ...ياالهي متى سنصل أنا متشوقة لهذا المكان ...غلبني النعاس ولم نصل فالمسافة جد جدا جدا كانت بعيدة مما زاد حدة فضولي ..فقد خرجنا عن منطقة المطاعم والمراكز والمنتزهات ...خفت أن يكون أخي سيسافر بي وخالتي إلى الشرقية ...أخذنا نسير في طريق مظلم نوعا ما و على جنباته الكثير من المصانع والمعارض ...ياربي إلى ين سنذهب زاد فضولي اكرر التساؤل على اخي فيجيبني باننا سنصل قريبا وستعرفين ...بدأ الطريق يبتعد أكثر عن أضواء المدينة ...ويزداد ظلمة ...حتى وصلنا أخيرا

يالله وصلنا انزلوا
:3: وصلنا نعم الى مبنى جدرانه تكاد تنطق من الوحشة والكآبه
نعم لقد وصلنا إلى مستشفــــــى النقـــــــاهة

الحين كل هالمشور عشان تجيبني لمستشفى النقاهة :mad:

أنزلني أخي من السيارة و سلمني سلة مليئة بباقات من الورد وقال لي أنني لعبت وتسليت يوم أمس الأول من ا لعيد أما الآن فهو علينا حق وواجب نحو أصحاب الأسرة البيضاء ....
دخل أخي وخالتي المركز لحقت بهما وأنا لازلت لا أعلم لماذا أتى بي أخي الى هنا ...وأول خطوة خطوتها داخل المركز رأيت وقد نسيت الدنيا ومافيها عندما رأيت
رأيت رجلا قد عطلت كل عضلة في جسدة لا يقوى على حراك اي عضلة ولو الاصبع سوى انه يقود عربته بفمه او بالأصح لسانه ...طبعا استوقفه اخي وعايدة ودعى له وخذ يتبادلان أطراف الحديث عن رمضان والعيد ...

صحبتي خالتي للقسم النسائي ...وأنا أمشى دون حتى أن أرمش من الذهول فكأنني خرجت من عالمي لأدخل عالما مختلف
فهذا قد بترت أقدامه وآخر قد شلت أركانه وثالث في غيبوبة لا يشعر بكيانه
وهذي إمرأة كل شئ فيها ساكن سوى عيناها محاطة بأنابيب فهذا يدخل الغذاء وآخر يخرج الفضلات ...
وأخرى قد ارتج دماغها فأصبحت عقليتها كعقلية الأطفال....وثالثة كل شئ فيها يرتعش حتى بؤبؤة العين ترتعش ...وأخرى أصابها شلل رباعي والثانية نصفي ...وامرأة غائبة عن الوعي منذ17 سنة ...
رأيت نساء مسنات قد تجاوزت أعمارهم السبعين والثمانين بل وشاهدت امراة قد تجاوز عمرها 119 سنة
كانت خالتي تبتسم لهم وتعايد وتدعو الله وتحث على الصبر وتقدم باقة الورد بالإضافة للدعم المادي فمنهن من تستجيب بعينها ومنهن من تستجب بإصبع من يديها و منهن من تستجيب بشكل افضل من غيرها ومنهن من لا تستجيب ...إلا أنني ألقي التحية وأنا مازلت مذهولة لا اقوى على الكلام حتى في إحدى الحجرات وبينما كنت أتراجع في خطواتي اصطدم ظهري بإحدى السرائر فما أن التفت إذا هي إمرأة مسنة قد فُــتح بلعومها بأنبوب تتغذى منه مدت يدها ...و مسكت يدي ....أخذت تقبل يدي ...رفضت أن تتركها ...حتى دمعت عيناها ...واستمرت تقبل يدي ...وأنا مازلت متجدة في مكاني ...أرادت هذه الإمرأة أن تتحدث معي أن تنطق فما أن حاولت حتى بدأت تصدر أصوات ..تركت يدي ..ثم بدأت تختنق ثم ازرق وجهها ...أتت الممرضات مسرعات ...وقاموا بإعادة ضبط الأنابيب ...ساءلت الممرضة عن ماخطبها فأجابت ويبدو ان حسها قد تبلد بأن هذا أمر عادي جدا يحدث في اليوم عشرين مر لأن الأنابيب أحيانا تسد او تلتوي أو شئ كهذا ......

بصراحة أشياء وأشياء مآسي وعبرات وزفرات وآهات وبكاء وحزن وكآبة كل هذا صادفني في هذا المركز ...لكن منهم من كان يقابلنا ببشاشة وكأنه لا يعاني من شئ تشعر أنه في سعادة رغم عجزة ...وقد ارتدى الجديد ...وتعطر ..فهؤلاء هم المؤمنين حقا

____________
بعد ان انهى اخي وخالتي مهمتهنا خرجنا ركبنا السيارة انطلقنا ا وأنا ملتزمة الصمت من مشاعر داهمتني لا اعلم ماهي ...فعلا يالسخافتي ...أنا في أكمل عافيتي وأتذمر إذن ماذا تركت لهؤلاء ؟؟؟ يالهي لا أريد أن أكون في مكانهم يوما من الأيام ...صرت أدعو ربي طوال الطريق بأن يعافيهم ولا يبتلينا ..فنحن في نعمة لا تقارن بكنوز الدنيا ومافيها ...

هاه لمياء وش رايك نروح المطعم
لمياء ....لمياء ..جاوبي نروح للمطعم ... أقول أخوي وش رايك تعطيني مناديل لأني حاسة إني برجّــع ...الله يكرمكم يعني
___________

أخيرا في ملاحظه لاحظتها على المركز فقد كان طرازه قديم وألوانه كئيبه إضافة إلى بعض القاذورات والروائح السيئة ...يعني أتوقع اللي مافيه شئ شرط إن قعد في هذا المبنى يوم واحد بيجيه المرض
فلا أدري لماذا هذا الإهمال في هذا المركز الذي ومن المفروض يكون جدير بالإهتمام أكثر من ذلك ...كمراعاة او كخطوة لمعالجة نفسيات المقعدين هناك أم أن ليس لهم أي خاطر :( .....

_______
ثم أيضا أوجه دعوة من هنا ...بزيارة هؤلاء المبتلين ...فإنكم لن تشعروا بمدى فرحتهم وسعادتهم بهبوب سحب المحبين التي أبرقت بتفائلهم
وأمطرت من آمالهم بزيارتنا لهم في مقرهم

المصدر: نفساني