ثامناً: استعذ بالله من الشيطان الرجيم وكرر كلمة تهدئك مثل خذها ببساطة..
يروي لنا سلمان بن صرد رضي الله عنه قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم وأحدهما يسب صاحبه مغضباً قد احمر وجهه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"
تاسعاً: سلِّم بماهية الأشياء..
إحدى الأفكار الجميلة التي ستساعدنا على تجاوز الكثير من الأحداث المزعجة أن نعلم أن الحياة في تغير مستمر. كل شيء له بداية وله نهاية. قدّر أن كل شيء سيعود إلى أصله.. فكل آلة أو أداة تُصنع سوف تَبلى وتتفتت يوماً ما. المسألة كلها مسألة وقت.
فالذي تتوقع أنه سينكسر، ينبغي أن لا تُفاجأ أو تصاب بالغضب عندما ينكسر، فهذا قدره..!! وبدلاً من أن تستاء، فإنك تشعر بالامتنان من أجل المدة التي استخدمت هذا الشيء فيها. خذ مثالاً سهلا على ذلك فعندما ينكسر كوب الزجاج المفضل لديك ينبغي أن لا تنزعج؛ لأنك تعلم أن هذا قدره. وأن كل شيء سيبلى يوماً ما ويعود إلى أصله. وعلى هذا يمكنك أن تقيس موقفك من أمور أكثر أهمية.
عاشراً: باشر الماء..
توضأ " إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " والاغتسال بالماء أو غسل الأعضاء به، توصية طبية لها أثرها البالغ في تهدئة الجهاز العصبي. فالغضب يولد ارتفاع في حرارة الجسم، ويأتي الماء البارد ليخفف هذا بفعل تبريد السطح. كما أن التدليك الجيد الذي يحدث أثناء الوضوء خاصة للقدمين يؤدي إلى الشعور بالهدوء والسكينة، لما في الأقدام من منعكسات لأجهزة الجسم كله..
يقول الدكتور أحمد شوقي ابراهيم عضو الجمعية الطبية الملكية بلندن واستشاري الأمراض الباطنية والقلب: "توصل العلماء إلى أن سقوط أشعة الضوء [ Light photons] على الماء أثناء الوضوء يؤدي إلى انطلاق أيونات سالبة تؤدي إلى استرخاء الأعصاب والعضلات فتزيل أي انفعال ناتج عن الغضب" فسبحان الله العظيم.
الحادي عشر: تحمَّلْ زمام المسئولية..
ذكّر نفْسك دائمًا عندما تشعر بالغضب من الداخل أنّ هذه هي مشكلتك وحدك، ولا ذنب للآخرين ممَّنْ هم حولك في المعاناة منها. بعد ذلك تدريجيًا تشعر بتأنيب الضمير وتعود لرشدك بهدوء وتتفاعل مع الموضوع بعقلانية أكثر.
الثاني عشر: تقبّلْ وجهات النظر المختلفة معك..
الأشخاص الذين يتعرضون لنوبات الغضب الثورية لا يتقبلون عادة أي اختلاف في الرأي، فالأمور لديهم لها وجهان فقط: إما سوداء أو بيضاء، ولا وجود للحلول الوسط في حياتهم. لذا أن تذكّر نفسك دائمًا أنك لست محور الكون، وأنك يجب أن تتقبل وجهات الآخرين مِن حين لآخر.
الثالث عشر: اُخرجْ في نزهة قصيرة..
عندما تنزعج من شيء ما اِذهب في نزهة قصيرة لمدة نصف ساعة فقد يساعدك ذلك على تنفيس غضبك وإزالته تدريجيًا، وعندما تهدأ عدْ إلى مكان عملك أو إلى بيتك، فالانزعاج يتطور تلقائيًا وخلال دقائق أحيانًا ويتحوّل إلى ثورات غضب جامحة، ومتى أحسَسْت بذلك بادِرْ إلى مغادرة مكانك بأقصى سرعة وعدْ إليه بعد أن تهدأ.
الرابع عشر: غُض الطرف حتى اليوم التالي..
في بعض الأوقات يجب عليك أن تغُض الطرف أو لا تنشغل ببعض الأشياء التي تثير غضبك، وأجّل موضوع النقاش حتى اليوم التالي، ففي الصباح قد تجد حلولاً مقنعة وتنظر إلى الأمور بمنظار مختلف.
الخامس عشر: اِتصلْ بصديق..
اِخترْ من أصدقائك واحدًا تستطيع الاتصال به في أي وقت كان. فثورات غضبك تهدأ بالتدريج أثناء الحديث إليه، وحتى مجرد التفكير في مناقشته فقط تخف من حدة غضبك.
السادس عشر: اِحتفظْ بسِجِل لثورات غضبك..
دوِّن في دفتر ملاحظاتك الخاصة: متى وأين ولماذا وكيف حدثت ثورات غضبك؟ لأنها تساعدك في تحمّل المسئولية شيئًا فشيئًا لتُسلّم نفسك وتخفّف من تأنيب ضميرك في بعض الأحيان.
ختـاماً:
جاء في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصُّرَعة، ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب."
والله سبحانه وتعالى يوجهنا إلى كظم الغيظ والتحكم في الغضب في أكثر من موضع في كتابه الكريم. ويصف من يقوم بذلك بأوصاف غاية في الروعة فهم المحسنين وهم عباد الرحمن. ويوضح لنا نتيجة ذلك.
(..الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا)
( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)
حقاً إن التحكم بالغضب مهارة راقية تمنح من يتقنها السلام والطمأنينة وتقيه من آثاره المدمرة على الروح والجسد.
ونختم ببشرى النبي صلى الله عليه وسلم لمن يملك نفسه عند الغضب.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ثلاثة مَن كنَّ فيه آواه الله في كنفه وستر عليه برحمته وأدخله في محبته قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: مَن إذا أُعطي شكر, وإذا قَدر غفر, وإذا غَضب فتر" رواه الحاكم 1/214 وقال : "هذا حديث صحيح الإسناد ". والبيهقي في الشعب 4/154.