23-10-2011, 08:30 PM
|
#3
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
وكما دعا الإسلام إلى الرفق، وحذر من العنف، في الدعوة والتعامل نجده كذلك دعا إلى الرحمة، واعتبرها جوهر أخلاقه، ونهى عن القسوة وذمها، وذم من اتصف بها أشد الذم. فقد قص القرآن علينا قصة البقرة، التي حدثت في بني إسرائيل، ثم عقب عليها بتوجيه الخطاب لهم بقوله: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } (سورة البقرة: 74) بل ذكر القرآن أن قسوة القلوب عند بني إسرائيل، كانت عقوبة إلهية لهم على عصيانهم، ونقضهم مواثيقهم وعهودهم مع الله تعالى، كما قال سبحانه بعد أن ذكر ما أخذ عليهم من ميثاق: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } (سورة المائدة: 13) والتوراة نفسها تصفهم بأنهم الشعب الغليظ الرقبة. أما أمة الإسلام فإنها مأمورة بالرحمة، موصوفة بها، بل إن رسالتها نفسها قائمة على الرحمة، بل هي الرحمة ذاتها، كما جاء في القرآن الكريم، فقد خاطب الله رسوله بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (سورة الأنبياء: 107) فهو عليه السلام ليس رحمة لجنس العرب أو الشرقيين، أو حتى المسلمين وحدهم، بل هو رحمة للعالمين؛ لأن رسالته رسالة عالمية، كما قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (سورة الأعراف: 158) ومادامت دعوته ورسالته للناس جميعاً فإن الرحمة المقترنة بها للناس جميعاً، وإن كان أكثر الناس انتفاعاً بهذه الرحمة هم الذين آمنوا به واتبعوه واهتدوا بهديه، فهم يعيشون في جو هذه الرحمة؛ إيماناً، وتعبداً وفكراً، وخلقاً وسلوكاً، وتعاملاً. ذلك أن أكثر الناس استفادة من علم الطبيب النطاسي وتجربته هو من يؤمن بطبه ويلجأ إليه، ويأخذ منه، ويعالج على يديه. وهذا هو سر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} (سورة يونس: 57){وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا } (سورة الإسراء: 82) وقال لرسوله: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } (سورة النحل: 89) ولقد عبر محمد صلى الله عليه وسلم عن نفسه ودعوته بعبارة موجزة، فقال: "إنما أنا رحمة مهداة" رواه الحاكم 1/35 وصححه، ووافقته الذهبي. فهو رحمة مهداة من الله للعالمين عامة، وللمؤمنين خاصة، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } (سورة التوبة: 128) وقال تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (سورة التوبة: 61) ولا أجد في تعاليم نبي من الأنبياء من الدعوة إلى الرحمة، والحث عليها، والترغيب في التخلق بها، ومعاملة الناس جميعاً، بل الحيوانات على أساسها ما أجد في تعاليم محمد عليه الصلاة والسلام. وأكتفي بأن انقل جملة أحاديث، من بعض ما انتقيته من كتاب الإمام المنذري في (الترغيب والترهيب) في فصل (الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد، والعبيد، وغيرهم، ورحمتهم، والرفق بهم والترهيب من ضد ذلك، ومن تعذيب العبد، والدابة، وغيرهما بغير سبب شرعي، وما جاء في النهي عن وسم الدواب في وجوهها) وقد سرد هنا جملة وافرة من الأحاديث، ننتقي منها ما يأتي: "عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله" متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان رقم 1498. وفي رواية لأحمد: "ومن لا يغفر لا يغفر له" وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح. انظر: المجمع (10/193). وعن أبي موسى رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لن تؤمنوا حتى تراحموا" قالوا: يا رسول الله كلنا رحيم! قال: "إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكنها رحمة العامة" رواه الطبراني، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. انظر: المجمع 8/78.
|
|
|