23-10-2011, 08:32 PM
|
#8
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
فقه جماعات العنف: وإذا كان هذا من موقف الإسلام في دعوته إلى الرفق واللين، وإلى الرحمة والرأفة، وذمه للعنف والقسوة، فلماذا ظهرت جماعات العنف في بلادنا الإسلامية؟ وما الأساس الشرعي الذي تستند إليه، ولاسيما أنها تنتسب إلى الإسلام؟ ونقول هنا: إن العنف الذي تمارسه بعض الجماعات التي تنسب للإسلام إنما هو إفراز لفلسفة معينة، تتبناها هذه الجماعات، وثمرة لفقه خاص له وجهته ومفاهيمه وأدلته التي تستند إليها هذه الفئة من الناس. ومن نظر إلى جماعات العنف القائمة اليوم في عالمنا العربي مثلاً وجد لها فلسفتها ووجهة نظرها، وفقهها الذي تدعيه لنفسها، وتسنده بالأدلة من القرآن والسنة، ومن أقوال بعض العلماء. صحيح أنها تعتمد على المتشابهات وتدع المحكمات، وتستند إلى الجزئيات وتهمل الكليات، وتتمسك بالظواهر وتغفل المقاصد، كما تغفل ما يعارض هذه الظواهر من نصوص وقواعد، وكثيراً ما تضع الأدلة في غير موضعها، وتخرجها عن سياقها وإطارها، ولكن على أي حال لها فقه مزعوم يبرر العنف، ويروج لدى بعض الأغرار من الشباب والسطحيين من الناس، الذين يقفون عند السطوح ولا يغوصون في الأعماق، أساسه فقه الخوارج قديماً، الذي كانوا يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، كما صحت بذلك الأحاديث. العنف الداخلي: بدأت هذه الجماعات بالعنف في داخل أوطانها أنفسها، أي العنف ضد الأنظمة الحاكمة. فعلى أي أساس بررت ذلك وأجازته من الوجه الشرعية، في نظرها على الأقل؟ مبررات جماعات العنف ومدى اعتبارها: إن فقه جماعات العنف يقوم على أن الحكومات المعاصرة حكومات كافرة؛ لأنها لم تحكم بما أنزل الله واستبدلت بشريعته المنزلة من الخالق القوانين التي وضعها المخلوق، وبهذا وجب الحكم عليهم بالكفر والردة، والخروج من الملة، ووجب قتالها حتى تدع السلطة لغيرها إذ كفرت كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان. ويؤكد فقه هذه الجماعات كفر هذه الأنظمة الحاكمة بأمر آخر، وهو: أنها توالي أعداء الله من الكفار الذين يكيدون للمسلمين، وتعادي أولياء الله من دعاة الإسلام، الذين ينادون بتحكيم شرع الله تعالى، وتضطهدهم وتؤذيهم. والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (سورة المائدة: 51) والحكومات المعاصرة تعارض هذه التهم بدعاوى مختلفة، منها: أنها تعلن أن دينها الرسمي هو الإسلام، وأنهم ينشئون المساجد لإقامة الصلاة، ويعينون الأئمة والخطباء والمؤذنين، ويؤسسون المعاهد الدينية، والكليات الشرعية، ويوظفون الوعاظ ومدرسي الدين في المدارس وغيرها، ويحتفلون برمضان وعيدي الفطر والأضحى، ويذيعون تلاوة القرآن في الإذاعات والتلفازات، إلى غير ذلك من المظاهر الدينية، التي تثبت إسلامية الدولة بوجه من الوجوه. كما أن بعض دساتير هذه البلاد يعلن أن الشريعة مصدر أو المصدر الرئيسي للتقنين، وبعضها يعتذر بضعفه أمام قوى الضغط الغربي، وبعضها وبعضها .. فتوى ابن تيمية: كما تعتمد جماعات العنف على فتوى الإمام ابن تيمية ـ في قتال كل فئة تمتنع عن أداء شريعة ظاهرة متواترة من شرائع الإسلام ـ كالصلاة أو الزكاة، أو الحكم بما أنزل الله في الدماء والأموال والأعراض، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى آخره ـ وهو ما اعتمد عليه كتاب (الفريضة الغائبة) لجماعة الجهاد، وجعل هذه الفتوى الأساس النظري لقيام جماعته، وتسويغ أعمالها كلها. ويستدلون هنا بقتال أبي بكر ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم لمانعي الزكاة. فكيف بمن يمتنعون عن تطبيق أكثر أحكام الشريعة، برغم مطالبة جماهير الناس بها، وخصوصاً العلماء والدعاة، بل هم أشد الناس خصومة لهؤلاء، وتضييقاً عليهم، ومعاداة لهم؟! ونسى هؤلاء أن الذي يقاتل هذه الفئة الممتنعة ولي الأمر، وليس عموم الناس، وإلا أصبح الأمر فوضى! وتعتمد جماعات العنف أيضاً على أن هذه الأنظمة غير شرعية، لأنها لم تقم على أساس شرعي من اختيار جماهير الناس لها، أو اختيار أهل الحل والعقد، وبيعة عموم الناس، فهي تفتقد الرضا العام، الذي هو أساس الشرعية، وإنما قامت على أسنة الرماح بالتغلب والسيف والعنف، وما قام بقوة السيف يجب أن يقاوم بسيف القوة، ولا يمكن أن يقاوم بسيف القلم! ونسى هؤلاء ما قاله فقهاؤنا من قديم أن التغلب هو إحدى طرائق الوصول إلى السلطة، إذا استقر له الوضع، ودان له الناس. وهذا ما فعله عبد الملك بن مروان، بعد انتصاره على ابن الزبير رضي الله عنه وقد أقره الناس، ومنهم بعض الصحابة مثل: ابن عمر وأنس وغيرهما حقناً للدماء، ومنعاً للفتنة، وقد قيل: سلطان غشوم، خير من فتنة تدوم. وهذا من واقعية الفقه الإسلامي، ورعايته لتغير الظروف. وترى جماعات العنف كذلك أن هذه المنكرات الظاهرة السافرة ـ التي تبيحها هذه الحكومات ـ من الخمر، والميسر، والزنى، والخلاعة والمجون، والربا، وسائر المحظورات الشرعية: يجب أن تغير بالقوة لمن يملك القوة، وهي ترى أنها تملكها، فلا يسقط الوجوب عنها إلى التغيير باللسان بدل اليد، كما في الحديث الشهير: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فليغيره بقلبه" رواه مسلم.
|
|
|