23-10-2011, 08:35 PM
|
#15
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
وما سلمت، فتركه عمر، وشرط عليه التوبة. الإحياء 7/1218ط. الشعب، القاهرة. والشرط الثالث لتغيير المنكر بالقوة: القدرة الفعلية على التغيير: أي: أن يكون مريد التغيير قادراً بالفعل بنفسه، أو بمن معه من أعوان على التغيير بالقوة. بمعنى أن يكون لديه قوة مادية أو معنوية تمكنه من إزالة المنكر بسهولة. وهذا الشرط مأخوذ من حديث أبي سعيد أيضاً لأنه قال: "فعن لم يستطع فبلسانه" أي: فمن لم يستطع التغيير باليد، فليدع ذلك لأهل القدرة، وليكتف هو بالتغيير باللسان والبيان، إن كان في استطاعته. وهذا في الغالب إنما يكون لكل ذي سلطان في دائرة سلطانه، كالزوج مع زوجته، والأب مع أبنائه وبناته الذين يعولهم ويلي عليهم، وصاحب المؤسسة في داخل مؤسسته، والأمير المطاع في حدود إمارته وسلطته، وحدود استطاعته .. وهكذا. (أعني أن من الأمراء من يعجز عن بعض الأشياء في إمارته نفسها، وقد رأينا عمر بن عبد العزيز يعجز عن رد الأمر شورى بين المسلمين، بعيداً عن نظام الوراثة). وإنما قلنا: القوة المادية أو المعنوية؛ لأن سلطة الزوج على زوجته، أو الأب على أولاده، ليست بما يملك من قوة مادية، بل بما له من احترام وهيبة تجعل كلمته نافذة، وأمره مطاعاً. ومن الناس من يكون له مقام وجيه في جماعته يجعل أمره نافذاً، وإن لم يكن معه قوة مادية. إذا كان المنكر من جانب الحكومة: هنا تظهر مشكلة ما إذا كان المنكر من جانب الحكومة أو الدولة التي تملك مقاليد القوة المادية والعسكرية، ماذا للأفراد والفئات، أو عليهم أن يعملوا لتغيير المنكر الذي ترتكبه السلطة أو تحميه؟ والجواب: إن عليهم أن يملكوا القوة التي تستطيع التغيير، وهي في عصرنا إحدى ثلاث: الأولى: القوات المسلحة، التي يستند إليها كثير من الدول في عصرنا ـ ولاسيما في العالم الثالث ـ في إقامة حكمها، وتنفيذ سياستها، وإسكات خصومها بالحديد والنار، فالعمدة لدى هذه الحكومات ليس قوة المنطق، بل منطق القوة، فمن كان معه هذا القوات استطاع أن يضرب بها كل تحرك شعبي يريد التغيير، كما رأينا ذلك في بلاد شتى آخرها في الجزائر، وقبلها في الصين، وإخماد ثورة الطلبة المطالبين بالحرية. الثانية: المجلس النيابي، الذي يملك السلطة التشريعية، وإصدار القوانين وتغييرها، وفقاً لقرار الأغلبية، المعمول به في النظام الديمقراطي، فمن ملك هذه الأغلبية في ظل نظام ديمقراطي حقيقي غير مزيف أمكنه تغيير كل ما يرى من نكرات، بوساطة التشريع الملزم، الذي لا يستطيع وزير، ولا رئيس حكومة، ولا رئيس دولة أن يقول أمامه: لا. الثالثة: قوة الجماهير الشعبية العارمة، التي تشبه الإجماع، والتي إذا تحركت لا يستطيع أحد أن يواجهها، أو يصد مسيرتها؛ لأنها كموج البحر الهادر أو السيل العارم؛ لا يقف أمامه شيء، حتى القوات المسلحة نفسها؛ لأنها في النهاية جزء منها، وهذه الجماهير ليسوا إلا أهليهم وآباءهم وأبناءهم وإخوانهم. فمن لم يملك إحدى هذه القوى الثلاث فما عليه إلا أن يصير، ويصابر ويرابط، حتى يملكها، وعليه أن يغير باللسان، والقلم، والدعوة والتوعية والتوجيه، حتى يوجد رأياً عاماً يطالب بتغيير المنكر، وأن يعمل على تربية جيل طليعي مؤمن يتحمل تبعة التغيير. وهذا ما يشير إليه حديث أبي ثعلبة الخشني، حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } (سورة المائدة: 105)فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، ودينا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع العوام، فإن من ورائكم أياماً، الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون كعملكم" رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب صحيح، وكذا رواه أبو داود من طريق ابن المبارك. ورواه ابن ماجه، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن عتبة بن أبي حكيم. وفي بعض الروايات: "ورأيت أمراً لا يدان ـ أي لا طاقة ـ لك به". الشرط الرابع: عدم خشية منكر اكبر: أي ألا يخشى من أن يترتب على إزالة المنكر بالقوة منكر اكبر منه، كأن يكون سبباً لفتنة تسفك فيها دماء الأبرياء، وتنتهك الحرمات، و تنتهب الأموال، وتكون العاقبة أن يزداد المنكر تمكناً، ويزداد المتجبرون تجبراً وفساداً في الأرض. ولهذا قرر العلماء مشروعية السكوت على المنكر، مخافة ما هو أنكر منه وأعظم ارتكاباً لأخف الضررين، واحتمالاً لأهون الشرين. وفي هذا جاء الحديث الصحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: " لولا أن قومك حدثوا عهد بشرك، لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم" متفق عليه من حديث عائشة (اللؤلؤ والمرجان) رقم 841. أي لنقضها وأعاد بناءها من جديد حتى يدخل فيها ما ترك منها، حين بنتها قريش، فقصرت بها النفقة. وفي القرآن الكريم ما يؤيد ذلك، في قصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل، حين ذهب إلى موعده مع ربه، الذي بلغ أربعين ليلة، وفي هذه الغيبة فتنهم السامري بعجله الذهبي، حتى عبده القوم، ونصحهم أخوه هارون فلم ينتصحوا، وقالوا: {قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى } (سورة طه: 91)
|
|
|