عرض مشاركة واحدة
قديم 06-06-2012, 11:33 AM   #6
واثقة بالله
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية واثقة بالله
واثقة بالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 26107
 تاريخ التسجيل :  10 2008
 أخر زيارة : 18-06-2013 (07:29 PM)
 المشاركات : 9,896 [ + ]
 التقييم :  183
لوني المفضل : Cornflowerblue


خامساً : ومما يكشف الكربة عند فقد الأحبة :-


العلم اليقيني أن الجزع لا يرد المصيبة بل يضاعفها , فالجازع يزيد مصيبته ويشمت أعداءه ويسوء أصدقاءه ويغضب ربه ويسر شيطانه ويحبط أجره ويضعف نفسه , أما إذا احتسب وصبر ورضي أخزى شيطانه وأرضى ربه وسر صديقه وساء عدوه وحمل على إخوانه فعزاهم قبل أن يعزوه , هذا هو الثبات في الأمر نسأل الله الثبات في الحياة وفي الممات.

يقول بعض الحكماء العاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام , ومن لم يصبر صبر الكرام سلا سلوّ البهائم، و إنما الصبر عند الصدمة الأولى..:

إذا أنت لم تسلُ اصطباراً و حسبة ....... سلوت على الأيام مثل البهائم
وكل أحد لا بد أن يصبر على بعض ما يكره , فإما باختيار وإما باضطرار , فالكريم المؤمن يصبر مختاراً لعلمه بعاقبة الصبر وإنه يحمد عليه ويذم في المقابل على الجزع ويعلم أنه إذا لم يصبر لم يُعد عليه الجزع فائتاً ولم ينتزع منه مكروهاً والمقدور لا حيلة في دفعه وما لم يكتب لا حيلة في تحصيله.


فالجزع ضره أقرب من نفعه فما دام أن آخر الأمر الصبر والعبد معه غير محمود , فما أحسن أن يستقبل الأمر في أوله بما يستدبره الأحمق في آخره.

إن علم المصاب بما يعقب الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه كاشف لكربه لو تأمل ذلك.

روي عن أنس رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(تنصب الموازين يوم القيامة فيؤتى بأهل الصلاة والصيام والزكاة والحج فيوفون أجورهم بالموازين , فيؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان ويصب الأجر عليه صباً بغير حساب فقرأ قوله تعالى :
(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ).


وفي الترمذي مرفوعاً: ( يود أناس لو أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض لما يرون من ثواب أهل البلاء).

فسبحان من يرحم ببلائه :
قد يُنعِم الله بالبلوى وإن عظمت .... ويبتلي الله بعض القوم بالنعمِ
هاهي امرأة من السلف قد مات ابنها فجاؤوا يعزونها ويقولون:
يا أمة الله , اتقي الله واصبري.

فقالت : الحمد لله و إنا لله، مصيبتي أعظم من أن أفسدها بالجزع.
والجزع وإن بلغ غايته فآخر أمر الجازع إلى الصبر اضطراراً وهو غير محمود ولا مثاب , فإنه استسلم للقدر رغم أنفه وهذا ليس من الصبر.


يذكر أن أعرابياً مات له ولد فبكى عليه بكاءً عظيماً وجزع عليه جزعاً شديداً فلما همّ أن يسلو عن هذا مات له ابن آخر فقال :
إن أفق من حزنٍ هاج حزن ......... ففؤادي ما له اليوم سكن
فكما تبلى وجوه في الثرى ...........فكذا يبلى عليهن الحزن

فطوبى للصابرين ثم طوبى ثم طوبى.


 

رد مع اقتباس